الخميس، 13 أكتوبر 2016

ومن الحب موضع العرب للحب نحو ستين اسما منها هي المحبة والعلاقة والهوى والصبوة

والصبابة والشغف والمقة والوجد والكلف والتتيم والعشق والجوى والدنف والشجو والشوق والخلابة والبلابل والتباريح والسدم والغمرات والوهل والشجن واللاعج والاكتئاب
والوصب والحزن والكمد واللذع والحرق والسهد والأرق واللهف والحنين والاستكانة والتبالة واللوعة والفتون والجنون واللمم والخبل والرسيس والداء المخامر والود والخلة والخلم والغرام والهيام والتدليه والوله والتعبد
ومن عجب أني أحن إليهم  *** وأسأل عنهم من لقيت وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها   ***ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي
وقيل :هي أن يكون المحبوب أقرب إلى المحب من روحه
كما قيل:
يا مقيما في خاطري وجناني *** وبعيدا عن ناظري وعياني
أنت روحي إن كنت لست أراها    *** فهي أدنى إلي من كل داني
وقيل :هي حضور المحبوب عند المحب دائما
كما قيل:
خيالك في عيني وذكرك في فمي    ***ومثواك في قلبي فأين تغيب
وقيل هي أن يستوي قرب دار المحبوب وبعدها عند المحب
 كما قيل:
يا ثاويا بين الجوانح والحشى  ***مني وإن بعدت علي دياره
عطفا على صب يحبك هائم  *** إن لم تصله تصدعت أعشاره
لا يستفيق من الغرام وكلما  *** حجبوك عنه تهتكت أستاره.
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي***     متأخر عنه ولا متقدم
وأهنتني فأهنت نفسي جاهدا    *** ما من يهون عليك ممن يكرم
أشبهت أعدائي فصرت أحبهم  *** إذ كان حظي منك حظي منهم
أجد الملامة في هواك لذيذة *** حبا لذكرك فليلمني اللوم.
إن التي زعمت فؤادك ملها    خلقت هواك كما خلقت هوى لها
وقال شاعر: تشكى المحبون الصبابة ليتني   تحملت ما يلقون من بينهم وحدي
وفي السنن أن أعرابيا قال للنبي جئت أسألك عن الهوى فقال المرء مع من أحب.
قال ابن الرومي
أعانقها والنفس بعد مشوقة  إليها ***وهل بعد العناق تداني
وألثم فاها كي تزول صبابتي *** فيشتد ما ألقى من الهيمان
ولم يك مقدار الذي بي من الجوى  ***   ليشفيه ما ترشف الشفتان
كأن فؤادي ليس يشفي غليله   ***سوى أن يرى الروحين تمتزجان
وأما البلابل فجمع بلبلة يقال بلابل الحب وبلابل الشوق وهي وساوسه وهمه قال في الصحاح البلبلة والبلبال الهم ووسواس الصدر
وأما التباريح فيقال تباريح الحب وتباريح الشوق وتباريح الجوى وبرح به الحب والشوق إذا اصابه منه البرح وهو الشدة قال في الصحاح لقيت منه برحا بارحا أي شدة
وأما الجنون فمن الحب ما يكون جنونا ومنه قوله
قالت جننت بمن تهوى فقلت لها    *** ألعشق أعظم مما بالمجانين
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه   ***وإنما يصرع المجنون في الحين
قال الشاعر:
  إذا وجدت أوار الحب في كبدي    أقبلت نحو سقاء القوم أبترد
هبني بردت ببرد الماء ظاهره    فمن لنار على الأحشاء تتقد
وأما الود فهو خالص الحب وألطفه وأرقه وهو من الحب بمنزلة الرأفة من الرحمة
وأما الهيام قال في الصحاح هام على وجهه يهيم هيما وهيمانا ذهب من العشق أو غيره وقلب مستهام أي هائم والهيام بالضم أشد العطش والهيام كالجنون من العشق والهيام داء
 يأخذ الإبل فتهيم لا ترعى يقال ناقة هيماء قال والهيام بالكسر الإبل العطاش الواحد هيمان وناقة هيمى
وأما الوله فقال في الصحاح الوله ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد ورجل واله وامرأة واله ووالهة
قال الأعشى:
فأقبلت والها ثكلى على عجل   كل دهاها وكل عندها اجتمعا
إن العشق لا يقف على الحسن والجمال ولا يلزم من عدمه عدمه وإنما هو تشاكل النفوس وتمازجها في الطباع المخلوقة كما قيل
وما الحب من حسن ولا من ملاحة    ولكنه شيء به الروح تكلف
قال بعضهم لمحبوبه: صادفت فيك جوهر نفسي ومشاكلتها في كل أحوالها فانبعثت نفسي نحوك وانقادت إليك وإنما هويت نفسي
قال أبو الشيص:
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي    متأخر عنه ولا متقدم
وأهنتني فأهنت نفسي جاهدا    ما من يهون عليك ممن يكرم
أشبهت أعدائي فصرت أحبهم  إذ كن حظي منك حظي منهم
أجد الملامة في هواك لذيذة حبا لذكرك فليلمني اللوم
ويحكى أن رجلا مرض من يحبه فعاده المحب فمرض من وقته فعوفي محبوبه فجاء يعوده فلما رآه عوفي من وقته وأنشد:
مرض الحبيب فعدته   *** فمرضت من حذري عليه
وأتى الحبيب يعودني    *** فبرئت من نظري إليه
وقالت امرأة تعاتب بعلها :أسأل الذي قسم بين العباد معايشهم أن يقسم الحب بيني وبينك ثم أنشدت
  أدعو الذي صرف الهوى   *** مني إليك ومنك عني
أن يبتليك بما ابتلاني ***أو يسل الحب مني
وقال عروة بن أذينة:
إن التي زعمت فؤادك ملها    *** خلقت هواك كما خلقت هوى لها
فبك الذي زعمت بها فكلاكما   ***أبدى لصاحبه الصبابة كلها
وتزوج زهير بن مسكين الفهري جارية ولم يكن عنده ما يرضيها به فلما أمكنته من نفسها لم تر عنده ما ترضى به فذهبت ولم تعد فقال في ذلك أشعارا كثيرة منها
تقول وقد قبلتها ألف قبلة   ***كفاك أما شيء لديك سوى القبل
فقلت لها حب على القلب حفظه   ***وطول بكاء تستفيض له المقل
فقالت لعمر الله ما لذة الفتى   *** من الحب في قول يخالفه الفعل
وقال ابن الرومي
أعانقها والنفس بعد مشوقة  إليها ***وهل بعد العناق تداني
وألثم فاها كي تزول صبابثي *** فيشتد ما ألقى من الهيمان
ولم يك مقدار الذي بي من الجوى   ***  ليشفيه ما ترشف الشفتان
كأن فؤادي ليس يشفي غليله  *** سوى أن أرى الروحين تمتزجان
قال الأصمعي قلت لأعرابية ما تعدون العشق فيكم قالت العناق والضمة والغمزة والمحادثة
   ثم قالت :يا حضري فكيف هو عندكم قلت يقعد بين شعبها الأربع ثم يجهدها قالت يا ابن أخي ما هذا عاشق هذا طالب ولد
وسئل أعرابي عن ذلك فقال: مص الريق ولثم الشفة والأخذ من أطايب الحديث فكيف هو فيكم أيها الحضري فقال العفس الشديد والجمع بين الركبة والوريد ورهز يوقظ النائم
ويشفي القلب الهائم فقال بالله ما يفعل هذا العدو الشديد فكيف الحبيب الودود
وقال بعضهم :الحب يطيب بالنظر ويفسد بالغمز قال هؤلاء والحب الصحيح يوجب إعظام المحبوب وإجلاله والحياء منه فلا تطاوع نفسه أن يلقي جلباب الحياء عند محبوبه وأن
يلقيه عنه ففي ذلك غاية إذلاله وقهره كما قيل

إذا كان حظ المرء ممن يحبه حراما*** فحظي ما يحل ويجمل
حديث كماء المزن بين فصوله***عتاب به حسن الحديث يفصل
ولثم فم عذب اللثات كأنما***جناهن شهد فت فيه القرنفل
وما العشق إلا عفة ونزاهة ***وأنس قلوب أنسهن التغزل
وإني لأستحيي الحبيب من التي***تريب وأدعى للجميل فأحمل
قيل :العشق حركة قلب فارغ ومتى صادف هذا النظر والاستحسان والفكر قلبا خاليا تمكن منه كما قيل:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى   فصادف قلبا خاليا فتمكنا
وقال الشاعر:
تالله ما أسر الهوى من عاشق   إلا وعز على النفوس فكاكه
قال الله  تعالى { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ }
وفي الصحيح عنه أنه قال إن الله عز وجل كتب على ابن آدم حظه من الزنى
أدرك ذلك لا محالة فالعين تزني وزناها النظر واللسان يزني وزناه النطق والرجل تزني وزناها الخطى واليد تزني وزناها البطش والقلب يهوى ويتمنى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه وثبت عنه أنه قال يا علي لا تتبع النظرة
النظرة فإن لك الأولى وليست لك الثانية
قال الأصمعي رأيت جارية في الطواف كأنها مهاة فجعلت أنظر إليها وأملأ عيني من محاسنها فقالت لي يا هذا ما شأنك قلت وما
عليك من النظر فأنشأت تقول:
وكنت متى أرسلت طرفك رائدا  *** لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر     ***عليه ولا عن بعضه أنت صابر
والنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية فإن لم تقتله جرحته وهي بمنزلة الشرارة من النار ترمى في الحشيش اليابس فإن لم يحرقه كله أحرقت بعضه كما قيل
كل الحوادث مبداها من النظر    ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها   فتك السهام بلا قوس ولا وتر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها   في أعين الغيد موقوف على الخطر

يسر مقلته ما ضر مهجته   لا مرحبا بسرور عاد بالضرر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق